الرنامج العام

مدن اليمن تزدان بالمظاهر الإيمانية وتزهو بأنوار العشق المحمدي احتفاءً بمولد خير الأنام

في ليال يمانية مفعمة بالبهجة والروحانية، تتلألأ شوارع العاصمة صنعاء والمدن الحرة بألوان الفرح وبهجة الولاء، وقد اكتست الميادين بالأضواء الخضراء والأنوار الإيمانية، لتغدو البلاد لوحة نابضة تجسد محبة متجذرة لرسول الله – صلوات الله عليه وآله وسلم – ووحدة الحضور الرسمي والشعبي في مشهد واحد.

وتكتمل لوحة الاستعدادات لإحياء ذكرى يوم مولده بمظاهر الحفاوة والمشاعر الإيمانية الغامرة، حيث يتحول الحضور الرسمي والشعبي إلى تعبير حي عن الوفاء لرسول الله، وإعلان جامع عن وحدة الهوية والانتماء، في مشهد بهيج يواكب فعاليات الاحتفاء ويعكس زخمها بما يليق بمقام نبي الرحمة.

وفي إطار هذه الأجواء، انطلقت مساء أمس من ميدان السبعين أعمال الإنارة الرمزية للأماكن العامة، التي دشنها وزير الكهرباء والطاقة الدكتور علي سيف، وأمين العاصمة الدكتور حمود عباد، مؤكدين أن رقعة هذه الأنوار ستتسع خلال الأيام المقبلة لتغطي أمانة العاصمة وسائر المحافظات والمديريات.

كما شهدت الأحياء السكنية، والمؤسسات الخاصة، والمحال التجارية، تفاعلاً واسعاً مع أجواء المناسبة، حيث ازدانت الواجهات بالأوشحة الخضراء، وتزيّنت الجدران بالجداريات، فيما بادر الأهالي إلى طلاء الشوارع وتعليق الزينات في مبادرات فردية وجماعية، جسدت تلاحم المجتمع وعمق ارتباطه بذكرى مولد النبي الكريم.

هذه المظاهر تعكس روحاً جماعية متأصلة، تتجدد فيها الصلة العميقة برسول الإنسانية، في مشهد مهيب تتوحد فيه مشاركة مختلف الفئات والأعمار، ليغدو الفضاء العام لوحة جامعة، مقرونة بزخم وجداني يفيض بالمحبة والولاء، ويجعل من أيام المولد النبوي موسماً لتجديد العهد مع القيم النبوية، واستحضار رسالته الخالدة في الوجدان والواقع.

الزينة المنتشرة في الشوارع تحمل رسالة بليغة، مفادها أن صناعة الفرح يمكن أن تنطلق من أدوات بسيطة وإرادة جماعية وقلوب مؤمنة، لتعيد للمدينة حيويتها، وللناس إحساسهم بالانتماء، وترسخ قيم المشاركة والعمل التعاوني، وتؤكد أن إحياء المولد النبوي هو إحياء للقيم التي بعث بها رسول الرحمة، وتجسيد لروح الوحدة في وجدان المجتمع.

وتجاوزت الجهود إطار العمل الرسمي، بانخراط المدارس، والحارات، والمحال، والمارة، ليصبح الجميع شركاء في إنجاح المناسبة، مؤكدين أن العمل التشاركي هو سر نجاح هذه الفعاليات عاماً بعد عام، وأن وحدة الجهود تعكس وحدة القلوب في الاحتفاء بمولد خير الأنام.

وفي امتداد لهذا التلاحم المجتمعي، أوضحت فعاليات علمائية وثقافية أن مظاهر الزينة والأنوار تمثل رسالة روحية عميقة تعكس المحبة المتجذرة للنبي الكريم وتعظيماً لمقامه وسنته، وأن ما يُرفع من رايات وما يضاء من أنوار هو تجسيد عملي للتولي الصادق والامتثال لتوجيهات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وتعبير عن وعي الأمة بأهمية استحضار السيرة النبوية في مواجهة التحديات.

وأكدت تلك الفعاليات أن المناسبة فرصة لتجديد العلاقة بالقيم النبوية الأصيلة كـ”الرحمة، والعدل، والصدق، والجهاد، والأمانة”، وأن الأجواء الروحانية التي تملأ المساجد والساحات تساهم في ترسيخ هذه القيم في نفوس النشء بما يفوق ما تقدمه المناهج الدراسية التقليدية، لتبقى ذكرى المولد النبوي محطة سنوية لتعزيز الوعي الديني وترسيخ الهوية الإيمانية في وجدان الأجيال.

وفي ظل التحديات الثقافية التي تواجه المجتمعات، رأت هذه الفعاليات أن المولد النبوي أصبح مناسبة لتعزيز الهوية الدينية الجامعة وتحصينها من محاولات التشويه أو التهميش، وتوحيد الكلمة بعيداً عن الخلافات والانقسامات، بما يجعله منبراً سنوياً لترسيخ القيم الجامعة وإحياء روح الأمة في مواجهة ما يُحاك ضدها من مؤامرات.

واستكمالًا لصورة الاحتفاء التي تعكس وحدة الهوية وتعزيز الانتماء، أشار إعلاميون ومثقفون إلى أن المولد النبوي في صنعاء وبقية المحافظات الحرة بات أشبه بكرنفال ثقافي شعبي، تختلط فيه الرموز الدينية بالتعبيرات الفنية المحلية من أناشيد وزوامل وأزياء خضراء، في مشهد يجسد تمازج الهوية الدينية مع الموروث الوطني، ويؤكد أن المناسبة تحولت إلى مساحة إبداعية مفتوحة تعكس وعي الشعب بهويته وتمسكه بجذوره الروحية والثقافية.

وهكذا يكتمل مشهد الاحتفاء في صنعاء والمدن الكبرى كتجديد للعهد والولاء، وتعبير صادق عن محبة راسخة، وشغف متجدد بإحياء إرث النبي الكريم، ليظل المولد النبوي موعداً سنوياً تتفتح فيه القلوب بأنوار العشق المحمدي الخالد والمتجدد، وتبقى هذه المناسبة علامة مضيئة في وجدان الأمة، تستلهم منها الأجيال دروس المحبة والوحدة والصمود في مواجهة التحديات.

قد يعجبك ايضا